مغالطات ريادة الأعمال
مغالطات ريادة الأعمال:

1. مبدأ العشوائية: "على البركة"
كثيرون يظنون أن التجارة يمكن أن تُدار بالعشوائية، فيسمّونها زورًا "على البركة"؛ وهي في حقيقتها ميلٌ إلى الدَّعة والراحة بعيدًا عن إحكام "التنظيم والمتابعة والتقييم والفحص المستمر"، ثم ترك السفينة تمخر بلا هدى. غير أنّ الرحلة، مهما امتدت، لا مآل لها إلا التعثر في التيه أو الغرق، واحتمال الوصول يكاد يكون معدومًا، وإن وصلت فبعد ضياع الوقت والجهد والمال، وحرق الأعصاب، والخوف من المجهول، وعناء لا يعلمه إلا الله وحده. ويفقه حقيقة هذا المقصود من ذاق مرارة التجربة وخبرها عمليًا.
2. مغالطة الانحياز إلى العاطفة
التجارة ليست نزهة عاطفية، ولا تُدار بنزوات الهوى، بل هي علمٌ وفنّ، تحتاج إلى دراسة متأنية وتحليل دقيق للسوق والزبائن، لتقدّم ما يحتاجه الناس لا ما تهواه النفس. وأوضح مثال على ذلك موجات افتتاح المطاعم والمقاهي لمجرد التقليد، حيث يتسابق كثيرون إلى خوض التجربة دون علم أو إتقان، فتتعثر مشاريعهم كما تتعثر الخطى في الظلام، لأنها هبّة بلا بصيرة، واندفاع بلا أساس.
والمبدأ الأصيل أن تُبنى المشاريع على التعلم والدراسة، قبل اعتماد الفكرة والمنتجات، وأن تُدار وفق أسس راسخة، لا وفق المزاج والعاطفة. فالمزاج يتقلب، والعاطفة تخبو، أما الأسس فهي التي تصمد أمام العواصف وتمنح المشروع القدرة على الاستمرار والنمو.
ومن أهم قواعد ريادة الأعمال:
• لا تبالغ في الميل للإيجابيات.
• لا تعتمد على الأحاسيس والعواطف.

3. مغالطة الانحياز إلى الناجين (Survivorship Bias)
حيث ينخدع المرء ببريق المشاريع الناجحة، فيظن أن مشروعه سيحذو حذوها، غير مدرك أن الفاشلين يُدفنون في صمت، فلا يُسمع لهم صوت ولا يُرى لهم أثر. أي أن الشخص يعتقد بأن مشروعه سينجح لأن كثيرًا من أمثال مشروعه هذا ناجح ويحبه الناس، ولا يعرف بأن الفاشلين ينتهوا بصمت.
وقد ضرب "الكاتب نسيم طالب" مثلًا بالمطاعم، وهي أكثر المشاريع وقوعًا في هذه المغالطة، إذ يظن أصحابها أن الناس لن يتوقفوا عن الأكل وأنها حاجة بشرية لا يُستغنى عنها، بينما الحقيقة أن:
"مقبرة المطاعم الفاشلة صامتة جدا"
"The cemetery of failed restaurants is very silent"
إن الطريق إلى النجاح لا يُشقّ بالأحلام وحدها، بل يُرصف بخطوات الدراسة والتخطيط، وببناء المشاريع على أسوأ الاحتمالات والمخاطر وكيفية إدارتها. وعلى أساس ما يتوفر من موارد بشرية ومالية، وإن كانت كافية أم لا، وعلى ضوء دراسة السوق، يكون المشروع قادرًا على مواجهة العثرات إن وقعت، ويكون أكثر قوة إن لم تقع وجاءت النتائج أفضل من المتوقع. وهنا يتجلى الفوز الحقيقي، حيث يصبح الاستعداد درعًا، والحذر بصيرة، والنجاح ثمرة، أما إذا غلب التفاؤل وأُهملت التحديات، فإننا نقع في فخ قاتل يُعرف بـ:
"(Optimism Bais) بـ:"
"فخ التحيز الادراكي"
"يعني الانحياز للتفاؤل والعاطفة"
ولعل أبلغ ما يُختتم به قول الحكيم "Warren Buffett" الذي يلخص فلسفة الاستثمار في قاعدتين راسختين:
"القاعدة الأولى في عالم الاستثمار: ألا تخسر نقودك."
"اما القاعدة الثانية فهي: ألا تنسى القاعدة الأولى"

مغالطة: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}:
إن الاهتمام بالمادة بمعزل عن الواجب الاجتماعي والديني والأخلاقي، يجعل المال مُقدَّمًا على القيم، فيتحول معظم إنتاج قطاع المطاعم والغذاء إلى سببٍ لأكثر من 70% من أمراض العالم. والتجارة التي كانت يومًا منارةً للدعوة إلى الله ودخول الناس في دينه أفواجًا، أضحت اليوم سيفًا مسلطًا على رقاب البشر، تُخرج الإنسان من جلده، وتُهمل ظروف الناس واحتياجات الموظفين، وتقوم على مصّ الدماء واستنزاف الأرواح.
ولم يقف الأمر عند الإنسان وحده، بل امتد ليشمل الإفساد في الأرض: تخريب الموارد، إنهاك المناخ، تلويث البيئة، إهدار الثروات، وأكل حقوق الناس بلا وازع من دين أو ضمير. وهكذا يغدو السعي المادي المجرد صورةً من صور الطغيان الذي يُهلك الحرث والنسل، ويُفسد الكون برمته، بينما يظن أصحابه أنهم يحسنون صنعًا.





