Blog Layout

هل ممكن تصفير الهدر بالمنشآت الغذائية؟

أ. وائل الكيالي • ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٣

تصفير الهدر حلم كل منشأة غذائية لكن الغالبية العظمى تعتقد بأنه صعب التحقيق... سندرس الموضوع ونرى إن كان فعلا كذلك أم أنه ممكن:

نقلا عن قناة ARAM TV - آرام تي فيعلى اليوتيوب

بداية لابد من تجلية ماذا تعني أهم المصطلحات بهذا الخصوص بالنسبة لقطاع الأغذية والأشربة:
  • الهدر: وهي مواد أو منتجات كانت صالحة للاستفادة منها ولم تتلف، لكن لم يتم ذلك وتم اتلافها.
  • التالف: وهي مواد أو منتجات أصبحت غير صالحة كطعام بشري وتم التخلص منها.
يتضح لنا من التعريف بأن الهدر يمكن وقفه تماما والسيطرة عليه طالما أنه عبارة عن مواد صالحة للاستفادة منها؛ مثل:
  1. منتجات صالحة للأكل لكنها بائتة فقد تكون فقدت نضارتها وحيوتها، وأصبحت غير طازجة، ولا يمكن بيعها بنفس سعر المنتج الطازج، أو لا يمكن إعادة عرضها بسبب الاشتراطات الرسمية، مثلا "الكروسون" خلال 2 – 8 ساعات من الخبز يفقد قرمشته، فهل نتخلص من الذي لم يباع ونخبز جديد؟! كذلك الفطائر "والدونات" صلاحيتها 24 ساعة، وبعد ذلك يمنع إعادة عرضها حتى وإن كانت صالحة للأكل، فهل نتلفها؟
  2. منتج ناقص غير مكتمل: أحيانا الوصفة قد تنتج لنا مثلا 10 وجبات ونصف، الـ 10 وجبات يمكن بيعها، لكن لا يمكن بيع نصف وجبة مثلا.
  3. بواقي التزيين "التفنيش" وهذه مشهورة في معامل الحلويات والمخبوزات، فمثلا ألواح الكيك الاسفنجي المستطيلة الكبيرة التي تقص بقوالب دائرية ماذا يفعل بالزوائد؟! 

نقلا عن منصة نوار كيك

كيف يمكننا التعامل مع هذا الهدر؟

هناك حلول جذرية وتستأصل المشكلة من جذورها إن فعلت ومتاحة في المملكة وفي مشاريعنا بكل أريحية، مثل:

  1. إعادة تدوير المنتجات الصالحة للأكل الغير طازجة لمنتجات أخرى جديدة وطازجة؛ كإعادة عمل "بودينغ الخبز" من المخبوزات والكروسون البائت الغير طازج، أو تجفيفهذه المخبوزات وطحنها واستخدامها كبقسماط مثلا، أو تجفيفها واستخدامها مقرمشات للسلطات، زوائد الكيك ممكن أن يصنع منها الـ "البوب كيك/pops cake والترايفل/Trifle"...

2- حساب معدل كمية الطلب اليومي والإنتاج وفقا له، وما يزيد يبقى محدودا وليس بكميات كبيرة ويمكن الاستفادة منه بعدة طرق منها:

  • تطبيق بركة الذي يمكن أن تبيع من خلاله بواقي آخر اليوم أو التي بها عيوب شكلية لا تؤثر على سلامة الغذاء، كالوزن او التزيين او الكمية... بسعر مخفض.
  • التبرع بها لجمعيات حفظ النعمة أو للمحتاجين من أهل الحي.
  • إهدائها للموظفين في نهاية الدوام لكسب ولائهم وانتمائهم وكوسيلة تحفيزية.

نقلا عن قناة تطبيق بركة على اليوتيوب

أما التالف فهي منتجات غير صالحة للأكل البشري لكنها قد تكون صالحة في استخدامات أخرى بشرية أو غير بشرية، وهذه يمكن تصفيرها عن طريق:

1-   الوقاية: فمثلا الخضار الورقية إن حفظت في الثلاجة في درجة حرارة 0 – 4 مئوية، تحافظ على نضارتها لمدة 3 أيام، فأعتمد طلبها مرتين أسبوعيا وليس مرة فتجلس أسبوع وتذبل وتصفر وبالتالي تكون كمية المادة التالفة كبيرة.

2-   نفس هذا الورقيات أو الخضروات مستحيل منع وجود نسبة تالف فيها أو غير صالح للأكل، فهذا أمر طبيعي أن تكون هناك حبات طماطم تالفة، أو ورقيات صفراء اللون ذابلة... مثل هذا النوع من التالف أضف إليه كل المخلفات العضوية كبواقي أكل طلبات المحلي، والقشور والأوراق الخارجية.. الخ، كلها يمكن الاستفادة منها بمثل هذه الأساليب:

  • بيعها أو التبرع بها لمزارع المواشي واستخدامها كعلف وهي أفضل جودة من العلف الصناعي وتعطي جودة لحم أفضل.
  • بواقي زيوت القلي تباع لجهات تعيد تصنيعها لمواد كيميائية ومنظفات...
  • إعادة تدويرها كأسمدة عضوية وهي أفضل من الأسمدة الكيميائية وتعطي ناتج محاصيل زراعية أفضل، وهناك أجهزة صغيرة وكبيرة متاحة في المملكة ويمكن شرائها عن طريق التسوق الإلكتروني، فيمكن بعد تدويرها بيعها أو التبرع بها للمزارع.

مطعم Frea في برلين يستخدم آلة تدوير مخلفات الطعام لأسمدة - نقلا عن منصة smithsonianmag

3- هذا يقودونا إلى ضرورة فرز النفايات: عضوية، بلاستيكية، زجاج، معادن، ورق وكرتون، ويمكن إعادة بيعها لجهات كثيرة تستفيد منها أو التبرع بها لجمعيات ومشاريع إعادة التدوير، وهي متوفرة تقريبا في جميع أنحاء المملكة.

4- مجرد استخدام مواد صديقة للبيئة قابلة للتحلل الطبيعي في الديكور والتعبئة والتغليف... كالخشب واللدائن القابلة للتحلل والأكياس والعبوات الورقية... حتى لو لم تستفد منها بأي طريقة من الطرق السابقة أو غيرها، فلم تأثر على النظام البئي والمناخ الذي يعد مشكلة العصر، فلو رُميت ستتحل بشكل طبيعي وتستفيد منها التربة أو الحيوان أو النبات وتذهب لما قدر لها، وهذا أقل الإيمان، وأدنى مستويات عمارة الأرض التي كلفنا بها.

مقهى West~bourne نيويورك نموذج من المنشآت الغذائية التي تعتمد مواد صديقة للبيئة في المنشأة - نقلا عن منصة smithsonianmag

موانع وفوائد تطبيق الاستدامة:

1-   يتضح لنا مما سبق بأن حلم تصفير الهدر والتالف قابل للتحقق، بل هناك نماذج كثيرة في العالم وعلى رأسها المطاعم والمقاهي تبنت مبدأ zero waste restaurant/مطاعم بدون نفايات، بل إن دول مثل ألمانيا والسويد دول بصفر نفايات، كل نفاياتها يتم إعادة تدويرها، يعني لا يوجد لديهم مكب نفايات، فهو أمر موجود، وسهل التحقق، والمانع الوحيد هو كسل النفس فقط؛ فكثير من المشاريع التجارية بما أن هدفها مادي بحت فلا تلتفت للجانب المجتمعي والأخلاقي والبيئي والإنساني والأجر الأخروي، تحسب الربح والخسارة فقط على المال، مع أن التبرع بوجبة لا تصلح للبيع وقابلة للأكل وشكلها لائق وليست بواقي أحد، قد يجلب البركة لهذا المكان، بينما التخلص منها بالقمامة قد يجلب النقمة ومحق البركة وبالأخص بأن نسبة كبيرة من البشرية تعاني من الجوع وسوء التغذية التي تعد من أشهر أسباب الوفاة عالميا.

مقهى Seven Market Cafe في سياتل مطبق لمبدأ صفر هدر، يعيد تدوير النفايات العضوية وقد يستخدمها كأسمدة في حديقته- نقلا عن منصة smithsonianmag

نقلا عن أحد الزملاء العاملين بها حينها: كانت مقاهي ستاربكس في المملكة قبل ما يزيد عن 10 سنوات تعطي الفائض اليومي لموظفيها، لكن أصبح الموظفون يمتنعوا عن بيع ما يرغبوا به للعميل ويخفوه عن ناظره ويدعون بأنه غير متوفر ليأخذوه آخر الدوام، فاكتشفت الشركة ذلك وألغت هذه الميزة، وعممت قرارا بإتلاف كل البواقي: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"، لكن أيضا هذا التصرف من إدارة الشركة لا ينم عن احترافية إدارية، كان ممكن التعامل مع الأمر بطرق أخرى غير اتلاف المنتجات والنعم والجهد والعرق الذي بذل في تصنيعها، وقد تكون أيضا نتيجة هذه الأفعال التي تمارسها الشركة وغيرها سببا فيما يجري لها اليوم من خسائر على مستوى العالم.

2- إن استخدام عبارات مثل:

-       المشروع صديق للبيئة.

-       المشروع صديق للصحة.

-       المشروع يحقق الاستدامة/مشروع مستدام

-       عضو جمعية حفظ النعمة.

-       عضو شركة التدوير الاجتماعية

        ...

كلها جمل تعتبر ميزات تنافسية وقيم مضافة للمشروع، كلمات مفتاحية للفتح قلوب العملاء، وتزيد من نسبة تعاطفهم وجذبهم وميلهم وانتمائهم للمكان، فالإنسان بطبعه محب للخير {وإنه لحب الخير لشديد}، ويمكن أن تبقيها بينك وبين الله، تجدها حاضرة يوم الحساب في ميزان حسناتك.


3- الاستفادة المادية بكل بساطة بتصفير الهدر والتالف وبالتالي تصفير الخسارة في هذا الجانب وبالتالي زيادة هامش الربح، فالمنتجات التي تباع آخر النهار عن طريق تطبيقات مثل تطبيق بركة المذكور آنفا بسعر مخفض، أو إعادة تدوير المنتجات وتصنيع منها منتجات جديدة كالأمثلة السابقة، تحافظ أو تخفض نسبة الربح، وفي أسوء الحالات ممكن أن تخرج بتعادل لا ربح ولا خسارة، وهذه نتائج ممتازة؛ بالطرق التقليدية كانت ستتلف وتخسر أموالا، فلا هي كسبت أجر دنيوي ولا أخروي.



4- إن المانع الوحيد الذي يمنع من تطبيق مبدئ الاستدامة بحفظ النعمة وترشيد الاستهلاك وتصفير الهدر والتالف... على ما فيه من منافع جما هو: الكسل، "يعني لسى هروح أجيب حاويات إعادة تدوير عدد 4 وأنا عندي 1 والسلام، ومساحة وخلافه؟!! أو لسى هستنى كل آخر يوم جمعيات وتطبيقات حفظ النعمة والتنسيق معها وبتأخروا علي... يعني بلا وجع هالراس، ونمشي مثل هالناس"، لكن لو أصدرت الجهات الرسمية قرارات تجبر المنشآت الغذائية على مثل هذه الأمور، وتوقع عقوبات وغرامات على كل من يخالفها، وأتوقع حصول هذا قريبا خصوصا وأن هناك أمكان ومدن مطبق بها مثل هذه الأنظمة في المملكة كمدينة الجبيل، فعندها الكل سيلتزم، وسيرى كم الفائدة التي سيجنيها.

  • وفي الخاتمة، هذه أهم الروابط التي يمكن الاستفادة منها في تصفير الهدر في المملكة:
  1. منصة شطرنج لخدمات الأعمال: https://chesswe.com/Operations
  2. جمعية حفظ النعمة: https://nemah.org.sa/
  3. شركة تدوير الاجتماعية: https://tadwir.sa/
  4. تدوير الوقفية: https://www.tadweer.org.sa/Home/foods
  5. تطبيق بركة لإعادة بيع المنتجات المتبقية آخر الدوام بسعر مخفض: https://barakah.app/
  6. مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط: https://www.greeninitiatives.gov.sa/ar-sa/
  7. نماذج من أجهزة إعادة تدوير بواقي الطعام: https://arabic.alibaba.com/trade/search?spm=a2700.wholesale.the-new-header_fy23_pc_search_bar.keydown__Enter&tab=all&searchText=%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%B2%D8%A9+%D8%AA%D8%AF%D9%88%D9%8A%D8%B1+%D8%A8%D9%82%D8%A7%D9%8A%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B9%D8%A7%D9%85
بواسطة أمجد أبو سيدو ٢٢ فبراير ٢٠٢٥
مع بداية العدوان على غزة في أكتوبر 2023، ازدهرت حركة مقاطعة الاحتلال بشكل غير مسبوق، والتزم بنهج المقاطعة العديد من الشعوب حول العالم تضامنًا مع غزة، وتمكنت المقاطعة من تحقيق خسائر مرتفعة للشركات الإسرائيلية والشركات الداعمة لها حتى أغلقت عدة شركات نسبةً من فروعها بسبب هذه الخسائر. والآن، مع توقف العدوان على غزة: ما هي الجدوى من استمرار المقاطعة؟ ما هي أبرز الأرقام التي حققتها على مدار الحرب؟ هل أثرت فعليًا في اقتصاد "إسرائيل"؟، وأيضًا، من أين جاءت فكرة المقاطعة؟ ما هي أبرز التجارب التاريخية لها؟ لماذا لا يزال البعض غير مقتنع بجدواها؟ هل ينحسر تأثيرها في الجانب الاقتصادي؟ ما هي أشكال المقاطعة المختلفة؟ ما هي المقاطعة الدبلوماسية؟ ما دور المقاطعة بحراك الجامعات الأمريكية؟ كيف تساهم المقاطعة في عزلة "إسرائيل"؟ ما الذي يجعل المُقاطع مشتركًا في المواجهة؟
بواسطة د. فاضل سليمان ٢٩ مارس ٢٠٢٤
مزيد من المنشورات
Share by: